الخميس، 27 ديسمبر 2018

التنبيه على دعاء: (استودعكم الله من شر الحوادث والفواجع.) الذي يقال عند كل إجازة!!

التنبيه على دعاء: (استودعكم الله من شر الحوادث والفواجع.)
الذي يقال عند كل إجازة!!

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:


ينتشر هذا الدعاء عند كل إجازة، بهذا اللفظ أو بلفظ مقارب له:

"استودعكم الله من شر الحوادث والفواجع.
اللهم اجعلها إجازة لا يضيق لنا فيها صدر، ولا يخيب لنا فيها أمر.
واجعل لنا فيها بكل خطوة توفيقًا واجرًا..
اللهم وأتم علينا إجازتنا بخير وسعادة"


قلتُ: هذا الدعاء السابق عليه ملاحظتان،
الأولى:
أن تخصيص وقت الإجازات بدعاء معين ينشر في كل إجازة، أمرٌ مُحْدَثٌ لا دليل عليه؛ إذا إن الدعاء عبادة لله، فتخصيص لفظ معين ووقت معين من غير دليل يعتبر بدعة في الشرع.
وقد قال النبيﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. أخرجاه.

الثانية:
أن هذا الدعاء يبعث في النفوس التشاؤم من السفر في الإجازة، أو التنزه فيها، إذ جعلوها وقت الوفيات والحوادث!
وهذا نوعٌ من التشاؤم بالزمن، وقد أثَّرت هذه في نفوس بعض الناس، فصار يتحرج من السفر والتنزه المباحين وقت الإجازة، خشية الحوادث!
وهذا توهم غير صحيح، سببه مثل هذه الرسائل وأمثالها.
فالنَّاس تتنزه وتسافر يوميًّا، وفي كل وقت، ولا علاقة للإجازة بالحوادث، فالحوادث قدر الله تقع في الإجازات وفي غيرها.

وليس عدم السفر أو الذهاب للتنزه المباح في الإجازة من جملة اتخاذ الأسباب، لأن الإجازة لا علاقة لها بذلك، بل إن الامتناع خوفًا يدخل في جملة التشاؤم.
ولكن اتخاذ الأسباب مثالها: لو كان الجو ممطرًا، أو كانت الرياح شديدة، ونحو ذلك من الأسباب الحسية، فهذا يُعتبر سببًا يُمْتَنع بسببه من الذهاب، لأنَّه من جملة اتخاذ الأسباب.
وخلاصة القول:
لا علاقة للإجازة بالحوادث، ولا بالفواجع، فمن عزم على سفر مباح، ونزهة مباحة، فلا يمنعه تشاؤمه خوف الحوادث والفواجع، ومن لم يعزم سفرًا فليس من لازم الإجازة السفر.
وعلى المسافر والمتنزه الحرص على الأوراد الشرعية الخاصة بالسفر والأحاديث العامة التي يدخل فيها التنزه، كدعاء النزول في المكان وغيرها؛ فهي حصن للمسلم.

والله أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

🖋وكتبه:
مبارك بن خليفة بن محمد العساف.

عصر الخميس ٢٠ / ٤ / ١٤٤٠ هـ

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2018

الرد المختصر على كلام المغامسي عن إغلاق المحلات وقت الصلاة.


﷽.

أما بعد:

فقد سمعت المغامسي في لقاء له ملأه من المغالطات والتلبيسات، التي لا يسع الرد عليها في هذا المقال المختصر،
يقول مُدلسًا: لا يوجد دليل نصي على إغلاق المحلات وقت الصلاة!!
وهذه عادته في التشكيك في أمور الدين، والتلبيس على المسلمين، فهو وإن ادعى أنه مع إغلاقها، إلا أن تلبيسه وتدليسه بأنه لا يوجد نص! يكفي في تهوينه لهذه المسألة، فكأنه يريد نصًّا بهذا اللفظ: (أغلقوا المحلات وقت الصلاة!!)
وهذا لاشك يدل على فهمٍ سقيم، وهوى متبع!
وهو من يدعي فهم القرآن وتفسيره، وما أبعده عن فهم القرآن!
وهذه أدلة صريحة في هذه المسألة لو كان يعقل، ولستُ أريد الاستقصاء والإطالة، ولكن هذا من الرد المختصر، والمفيد المعتبر.
فنقول له:
يقول الله تعالى:
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا نودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلى ذِكرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيعَ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ﴾

فهذه الآية صريحة في ترك البيع وقت الصلاة، فإن قالوا هذا في الجمعة فقط!
فنقول: هذه في كل الصلوات من باب الأولى، ولذلك لأن الأمر هنا لحضور الخطبة والاستماع لها وبعدها الصلاة، فمن باب أولى الصلوات الخمس التي هي أعظم من الاستماع للخطبة.

وقال تعالى:
﴿في بُيوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فيها بِالغُدُوِّ وَالآصالِ ۝ رِجالٌ لا تُلهيهِم تِجارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فيهِ القُلوبُ وَالأَبصارُ ۝﴾

ذكر الله عز وجل صفات الرجال المؤمنين، بأنهم لا تلهيهم التجارة ولا اللهو عن ذكر الله وعن الصلاة والزكاة، وهم يفعلون ذلك خوفًا من يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار، فدل على أن الذين تلهيهم التجارة واللهو عن الصلاة في المساجد لا يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، وهذا لا يكون إلا في أمر محرم.
ولذلك كان السلف يغلقون حوانيتهم عند الصلاة استجابة لأمر الله.

ثالثًا:
مما جاء في السنة الأمر بالنداء للصلاة.
فما معنى النداء؟!!
عندما يقول المؤذن:
الله أكبر..
حيَّ على الصلاة ..
حيَّ على الفلاح ..
ما معنى هذا النداء؟؟؟؟
الله أكبر من كل شيء، من تجارة، من لهو، من كل شيء، فمقتضاه الإقبال والاستجابة فورًا.
حيَّ على الصلاة: هلموا وأقبلوا على هذه الصلاة.
حيَّ على الفلاح: هلموا وأقبلوا على فلاحكم، فلا فلاح مع عدم الإقبال عليها.

فالله يأمر عباده بالإقبال وهم يخالفون باللهو والتجارة!!
هل هذا يليق بمسلم؟!!
فألفاظ الأذان لها معنى، وليست من الألغاز والأحاجي، وليست مجرد كلامٍ يُردد فقط!
فلو قلنا بعدم وجوب الاستجابة لهذا النداء، لكان النداء لغوًا لا فائدة منه!
وحاشا وكلا!
والأدلة كثيرة جدا، بالنص والاستنباط، وعمل السلف، وقد كتب في ذلك أهل العلم كثيرًا، وأفتى بالإغلاق أئمة الهدى، ومصابيح الدجى.
فلا يغرنكم المغامسي وتلبيسه، وتشكيكاته وتدليسه، والله المسؤول بأن يكفي المسلمين شر كل ذي شر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه أجمعين.

🖋مبارك بن خليفة بن محمد العساف.
ليلة الأربعاء ٥ / ٤ / ١٤٤٠ هـ

الجمعة، 5 أكتوبر 2018

أيها المغامسي أشفق على رأسك، فلن تعدو قدرك! فعلماؤنا بقية الرعيل الأول، وامتداد الجيل الأمثل.

أيها المغامسي أشفق على رأسك، فلن تعدو قدرك!

فعلماؤنا بقية الرعيل الأول، وامتداد الجيل الأمثل. 


الحمد لله القائل: ﴿بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ عَلَى الباطِلِ فَيَدمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ﴾
والصلاة والسلام على خير من أزهق الباطل.
أما بعد:
فقد رأيتُ ورأى غيري ماتفوه به صالح المغامسي من باطل، وانتشار ذلك في وسائل التواصل، في طعنه في الأئمة العالمين العاملين، ودعواه التجديد في الدين، وهدمه للثوابت، وسعيه للفتنة، وصد الناس عن سبيل الله، فكان لزامًا على أهل العلم البيان، وصد هذا العدوان، وكبت وحي الشيطان، بوحي السنة والقرآن، وكلام أهل العرفان؛ وقد ردَّ عليه بعضٌ من أهل العلم بردود مختصرة طيبة، فأردّتُ أن أشارك إخواني في هذا الجهاد، وكبت صاحب الغرور والعناد، فأقول راجيًا من رب العباد، التوفيق والسداد، وبه أستعين،  وأصول وأجول وأقاتل:
إنَّ هذا المغامسي قد ملأ لقاءاته ومقالاته أباطيل ومنكرات، وموبقات مهلكات، يصعب إحصاؤها في هذا المقال المختصر، ولكني أُجْمِل ما أريد الردَّ عليه في هذا المقال: (فقد زعم المغامسي أن علماءنا كانوا غير مؤهلين للفتوى، وأنهم يخفون الأقوال على الناس، وبسبب ظهور الأقوال بعدهم كاد بعض الناس أن يُلحد، وزعم مطالبًا بالتجديد الديني الفقهي)
والردُّ على هذه الأباطيل الهدَّامة من وجوه عديدة، منها:

أولًا: إن دعوى التجديد التي يرددها هذا المغامسي، هي دعوى الليبراليين والعلمانيين الذين ﴿يُريدونَ أَن يُطفِئوا نورَ اللَّهِ بِأَفواهِهِم وَيَأبَى اللَّهُ إِلّا أَن يُتِمَّ نورَهُ وَلَو كَرِهَ الكافِرونَ ۝ هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ﴾
وفي ردٍّ سابقٍ لي عليه بعنوان: (أيها المغامسي: كفرنا بالإسماعيلية والرافضة والإباضية فتعسًا لك أخوتهم) قلتُ:
إنَّ موبقات المغامسي ليست وليدة اليوم، فهو يبطن أمورًا كثيرة، أظهر بعضَها، وبقي غيرُها، فهو يقول في تصريح له سابق بأنه سيستمر في خطابه الديني التجديدي!!
وخطابه التجديدي هو: تغيير دين الله، وتبديل شرعه، ونشر البدع والضلالات، وهدم الثوابت المسلمات؛ فمن نشره التصوف ودفاعه عن أهله، وتحليله ماحرم الله، وتمييعه مسائل الستر والعفاف للمرأة، إلى هدمه العقيدة الآن، بشهادته لأعداء الله بالإيمان، والقادم سيكشف أمورا أخرى، والأيام حبلى، وستضع حملها.
ودين الله ليس بحاجة إلى التجديد بمفهوم هؤلاء، فشرع الله كامل، لا يحتاج إلى تجديد المحرفين، ولا تغيير المحدثين، وإنما تجديد الدين: إقامة التوحيد، وهدم الشرك والتنديد، ونشر السنن، وقمع البدع. انتهى)
وقد أظهر الكثير من الموبقات، ولا زال يتقيأ من الضلالات، والله وليُّنا وحسبُنا بأن يكفينا شر تحريفه الذي يسميه تجديدًا.
فهو من يقول كل يعبد الله بطريقته، وفتح الباب لكل مبطل بأن يجتهد في دين الله، وهذا والله هدم للدين، وطريق لتلاعب المتلاعبين، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

ثانيًا: قوله بأن علماءنا ليسوا مؤهلين للفتوى! فالجواب عنها: ﴿ كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفواهِهِم إِن يَقولونَ إِلّا كَذِبًا﴾
فمن هؤلاء الذين كانوا يفتون وليسوا مؤهلين للفتوى أيها المفتون؟!!
لا نعلم مفتين إلا العلماء الكبار، كالإمام العليم محمد بن إبراهيم، والإمام الفقيه السعدي، وأئمة الهدى مصابيح الدجى ابن حميد وابن باز وابن عثيمين ومن المعاصرين ابن لحيدان وابن فوزان وآل الشيخ ومن هو في مقامهم من العلماء.

فإذا كان علماؤنا ليسوا مؤهلين للفتوى وهم من ملؤوا الدنيا علمًا وعملًا، ومن عرف الناس قدرهم وعلمهم، هل يكون هذا المغامسي الخرافي حاطب الليل مؤهلًا للفتوى؟!!
أين أنت يامغامسي من علمائنا؟!
إنهم زينة العلماء، وسادة الفقهاء، ومقدمة النجباء، وقادة الإفتاء.
بقية الرعيل الأول، وامتداد الجيل الأمثل.
أما أنت فمن الخلوف التي غيّرت وبدّلت، حاطب ليل، وناشر سوء، وداعية فساد، تخلط في وعظك بين الصحيح والضعيف، والموضوع وما لا أصل له، وتدس فيه خرافات الصوفية، وخزعبلات القبورية، وتأتي طاعنًا في علماء الهدى وأنوار الدجى!؟
خبت وضل سعيك.
إن هذا المغامسي قد كان سابقًا يتحدث عن الزهد والورع وحسن الظن وصفاء النفوس، ويسكب الدمعات على ذلك، حتى اجتمعت له الجماهير، فلما حانت له الفرصة - كما يظن - بادر بالطعون، وتغيرت الدمعات إلى التشنجات، ورمى الاتهامات، وكل ذلك في عرض العلماء الربانيين!
بينما في المقابل سلم من لسانه دعاة الضلال والبدع، بل أخذوا من ثنائه الباطل، ودفاعه الجائر، فهو من يدافع عن الصوفية والقبورية والباطنية والزنادقة، فدافع عن البوصيري الذي ملأ بردته شركا وكفرا، ومدح ودافع عن الشعراوي الصوفي القبوري الخرافي، وأخيه البوطي، وعدو التوحيد والصحابة الكبيسي، والملحد نزار قباني، وصحح عقيدة الإسماعيلية والرافضة والإباضية!!
فهذا يدل على شوب مشربه، وسوء مسلكه!
فهو سلمٌ على المبطلين، حربٌ على العلماء العاملين، ولكن:
كَناطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً ليِوُهِنَها
 فَلَمْ يَضِرّْها وأوْهى قَرْنَه الوعِلُ
وكما قيل:
يا ناطــح الـجـبـلَ العـالـي ليَـكْلِـمَـه
أَشفق على الرأسِ لا تُشْفِق على الجبلِ
وكما قيل:
كم عالمٍ متفضل قد سبّه
من لا يُساوي غرزةً في نعله.

فمراد الرجل بطعنه في علمائنا: قطع صلة الناس بالعلماء، وأنهم لا يفقهون ولا يعلمون، وأنه العالم النحرير، والعلامة الخبير، فسألوني ولا تأخذوا بفتاوى العلماء؟!!
وقد خاب وخسر من جعلك له مفتيًا.

قال أبو حاتم الرازي - رحمه الله -:
علامة أهل البدع: الوقيعة في أهل الأثر.
 [عقيدة السلف للصابوني ص ١١٨]

ثالثًا: قوله بأن علماءنا كانوا يخفون الأقوال، وبسبب ظهورها كاد بعض الناس أن يُلحد، وأنهم حصروا الفقه على مدرسة فقهية واحدة! فالرد على هذا الكلام من وجوه:
١- هذا الكلام يردده المغامسي تبعا للعلمانيين والليبراليين، الذين يريدون هدم الدين بالطعن والتشكيك في علم العلماء ومقصدهم.
ويكفي هذا القول سوءا أن القائلين به هم العلمانيون والليبراليون!!
٢- إن علماءنا وإن كانوا حنابلة فإنهم ليسوا جامدين على المذهب، وإنما يتبعون الدليل، وهذا معلومٌ عنهم لا ينكره إلا جاحد مكابر كهذا المغامسي.
ولكنه لا يخاف الله في كلامه، ولا يستحيي من خلقه في افترائه.
ففتاوى علمائنا مبنية على الأدلة وإن خالفت المذهب، وهذا ظاهر في فتاواهم ودروسهم وبياناتهم.
٣ - أن الاجتماع وعدم الافتراق مطلب شرعي، ومقصد علمي، ومن أهم الاجتماع: الاجتماع على العلم، فبذلك تتوحد الصفوف، وتجتمع القلوب، وتطمئن النفوس، ولذلك ذم الله أهل الكتاب الذين تفرقوا بعد العلم، وذلك لأن العلم يجمع ولا يفرق، ولكنهم خالفوا مقصد العلم، قال تعالى:
﴿وَمَا اختَلَفَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ إِلّا مِن بَعدِ ما جاءَهُمُ العِلمُ بَغيًا بَينَهُم﴾
وعلى ذلك: فإن علماءنا يسوسون الناس بالحكمة والشرع، ففي الفتاوى يفتون بالراجح دليلًا وما عليه العمل، من أجل الاجتماع وعدم الافتراق، وقد يذكرون الخلاف أحيانًا ويبينون الصواب إن رأووا مصلحةً في ذلك، وأما في الدروس فإنهم يذكرون الأقوال ويبينون الأدلة، وهذا على حسب حال الطلبة ومدى تقدمهم في العلم.
قال شيخنا العلامة الإمام صالح الفوزان - حفظه الله -: فإذا كان أهل بلد على قول من هذه الأقوال الاجتهادية التي لم يظهر مايخالفها ولا مايعارضها، مجتمعين على رأي من هذه الآراء الفقهية، فلا يسوغ لأحد أن يفرق هذا الاجتماع، بل ينبغي الوفاق وعدم الاختلاف.
( شرح مسائل الجاهلية / ٤٦)

ومن لم يفقه هذا الباب فحقه الحجر وعدم التصدر للناس.
فهل يريد هذا المفتون أن تُعْرض الخلافات عند العوام عند الاستفتاء؟!
هل يقول هذا عاقل يفقه في العلم؟!!
هل تريد أن يسرد العلماء كتاب المغني عند الفتوى؟!!!!
وهل الفتوى عرض ما يطلبه المستفتون، ليختاروا ما يريدون؟!!!
أين عقل هذا المفتون عند تفوهه بهذا الباطل؟!!
لقد عاب العلماء بما يُمدحون به!
وكم من عائبٍ قولًا صحيحًا
وآفته مـن الفـهـم السقيــم

فإن عرض الخلافات على العوام يشتت أذهانهم، ويشككهم في عباداتهم ومعاملاتهم، ويعرضهم لاتباع الهوى، والتساهل في الدين.
ولذلك عندما كان علماؤنا يفتون بالدليل، ويعلمون الناس قولًا واحدًا، كانوا مجتمعين، ولدينهم حافظين، ولما تصدر المغامسي وأمثاله ممن يدّعي التوسع في الخلاف، وعرضه للعامة، تفرقت القلوب، وتصادمت الأفكار، حتى اختلف أهل البيت الواحد!
وهذا الذي يسبب الإلحاد، وليس جمع الناس على قول واحد؛ وذلك لأن عرض الخلافات يسبب رقة الدين، واتباع الهوى، واختيار القول بالتشهي، ولازمه تتبع الرخص، وهي طريق الانسلاخ من الدين!
فيا بلية الناس بأمثال المغامسي!!!
إن أهل العلم الراسخين، من الفقهاء العالمين، كانوا يضعون لطالب العلم طريقة في الدراسة، فيبدؤون معه بقول واحد في المذهب، ثم ينتقلون معه إلى قولين، ويتدرجون به حتى يكمل فقهه.
وهذا مع طلبة العلم يتدرجون معهم، ولا يعرضون لهم الخلافات، فما بالك بالعوام، الذين لا يحسنون التعامل مع الخلاف!!!
فليس اقتصار العلماء على قول واحد عند الفتوى جهلٌ بالأقوال والخلاف، بل هم من أعلم الناس بذلك، ولكن هي سياسة شرعية لا يفهمها إلا الراسخون.
ولكن هذا الرجل يريد ترقيق الدين، وفتحه للمتلاعبين، والله حسب المسلمين وكافيهم شر كل ذي شر.
ولذلك كان حق مثله أن يحجر عليه ويؤدب، لأنه يريد الفتنة، ويسعى لها، ويوقد شررها، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
"موارد النزاع إذا كان في إظهارها فساد عام ، عوقب من يظهرها"
 جامع الرسائل: (١ / ٢٧٩)

قلتُ: وكان هذا معمولًا في دولتنا، في زمن الملك عبد العزيز - رحمه الله - وكان الناس منضبطين، وكان من يخالف يؤدب، قال الملك عبد العزيز - رحمه الله -:
ولهوب خافيكم: حال هذا الزمان، وكثرة الطالب والسائل، وقلة البصيرة والفهم. وأيضاً مهوب خافيكم: اختلاف العلماء في أمور الفروع؛ فلابد أن كل إنسان يدّعي المعرفة على جهل: إما أحدٍ يسمع حديثاً، أو قولاً من أقوال العلماء، لا يعرف حقيقته، فيفتي به، أو يكون أحدٍ له مقصد، يدوّر الأقوال المخالفة ؛ مقصوده الخلاف، إما مخالفة أحد من علماء المسلمين، أو يبـي يقال: هذا فلان! يدوّر بذلك رياسة، أو شيئاً من أمور الدنيا، نعوذ بالله من ذلك.
فالآن يكون الأمر على ما ذكر المشايخ أعلاه، فمن أفتى أو تكلم بكلام مخالف لما عليه الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وأولاده: عبدالله، وعبدالرحمن، وعبداللطيف، وعبدالله بن عبداللطيف، فهو متعرض للخطر ؛ لأننا نعرف أنه ما يخالفهم إلا إنسان مراوز للشر والفتنة بين المسلمين.
فأنتم –إن شاء الله- يا جميع علماء المسلمين التزموا بهذا الأمر، وقوموا على من خالفه، ومن سمعتم منه مخالفة في قليل أو كثير، ما قدرتم عليه نفذوه، وما لم تقدروا عليه ارفعوه إلينا، إلا إن كان هنا إنسان عنده في مخالفتهم دليل من الكتاب، أو من السنة، فلا يتكلم حتى يعرض أمره على علماء المسلمين، وتعرف حقيقته، فأما المتعرض بغير ذلك، أو قبل تبيين الأمر، فذمتنا وذمة المسلمين بريئة منه، ويكون عنده معلوماً أنه على خطر منا.
الدرر السنية: (١٤ / ٣٧٨ - ٣٧٩)

 قلتُ: ياليت هذا حاصل في زماننا من أجل أن يرتاح الناس من تشغيب الرويبضات التافهين، وتلبيس هؤلاء الملبسين.
وقد صدر أمر ملكي في عام ١٤٣١هـ بقصر الفتوى العامة على أعضاء هيئة كبار العلماء، ولكن للأسف لم يلتزم بهذا الأمر المغامسي وأضرابه، حتى تزايدت فتنتهم في زماننا، والله غالب على أمره، وله في ذلك حكمة، والعاقبة للمتقين.

٤- ليعلم هذا الجاهل المغرور المفتون أن كتم بعض العلم للمصلحة من قواعد الشريعة، وجاءت بذلك الأدلة الصحيحة، وهذه المصلحة يقدّرها العلماء عند التدريس والإفتاء، بما فتح الله عليهم من علم ونظر ثاقب، وفهم ناضج.
فقد جاء في حديث معاذ - رضي الله عنه -: قَالَ : كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ : عُفَيْرٌ، فَقَالَ : " يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ؟ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ؟ ". قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ : " فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ". فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ. قَالَ : " لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا ". رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في الفتح:
قال ابن رجب في شرحه لأوائل البخاري: وقال العلماء: يؤخذ من منع معاذ من تبشير الناس؛ لئلا يتكلوا: أن أحاديث الرخص لا تشاع في عموم الناس؛ لئلا يقصر فهمهم عن المراد بها وقد سمعها معاذ ولم يزدد إلا اجتهادا في العمل وخشية لله عز وجل، فأما من لم يبلغ منزلته فلا يؤمن أن يقصر اتكالا على ظاهر الخبر.)
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - على هذا الحديث في مسائل كتاب التوحيد:
               جواز كتمان العلم للمصلحة.
               جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض. )
وقال البخاري: بَابٌ : مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا، وَقَالَ عَلِيٌّ : حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ؟

وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: ما أنت بمحدثٍ قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة.
رواه مسلم.

فأين المغامسي من هذه الأدلة والقواعد الشرعية، والأسس المرعية؟!
فيا عباد الله: احذروا مسلك هذا الرجل وأمثاله، فقد تبيّن كما تقدم فساد قوله، ومنكر سعيه، وسوء مسلكه، فالحذر الحذر  .
ويا أهل العلم: اجتهدوا في رد منكرات هؤلاء الملبسين، فإن خطرهم عظيم، وأمرهم جسيم، الواجب عليكم أعظم من ذي قبل، فاستعينوا بالله وجاهدوا.



فهذا ردٌّ مختصرٌ على هذيان المفتون المغرور، المعاند المتعالم، صالح المغامسي، أردّتُ به بيان الحق للخلق، والله ولي المتقين، وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

🖊كتبه: مبارك بن خليفة بن محمد العساف
الجمعة ٢٥ من شهر الله المحرم ١٤٤٠هـ

الجمعة، 21 سبتمبر 2018

الردُّ على تغريدة عايض القرني عن الحسين - رضي الله عنه -.

الردُّ على تغريدة عايض القرني عن الحسين - رضي الله عنه -.



﷽  

أما بعد:
فقد رأيتُ تغريدةً لعائض القرني هذا نصها:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
 ينبغي لكل مؤمن إذا ذكر مقتل الحسين أن يقول إنّا لله وإنّا إليه راجعون فإنها مصيبة أصيب بها المسلمون جميعاً،
شيخي أبو بكرٍ الصديقُ أو عمرُ
وفي علي أبي السبطين لي عبرُ
أفدي الحسين بروحي أقتفي حسنا
للآل والصحب يهدي قلبيَ الأثرُ
#عائض_القرني
 #يا_حسين
٤:٢٣ م · ٢٠ سبتمبر، ٢٠١٨
انتهى كلامه. )

فأقول مستعينًا برب العباد، راجيًا للتوفيق والسداد، وبه أصول وأجول وأقاتل:
الردِّ على هذا المنكر، الذي ليس هو أول منكراته - نسأل الله العافية - من وجوه:

أولًا: إنَّ هذا الرجل له مثل هذه الموبقات من قديم، فهو يخطب ودَّ الرافضة في أكثر من موضع، ومنها أنه يسميهم إخوانه، 
وهم إخوان الشياطين، كما قال شيخنا العلامة صالح الفوزان عندما سئل عن الدعاة الذين يقولون: "الشيعة إخواننا" قال: نبرأ إلى الله منهم، ونبرأ إلى الله من هذا القول، ليسوا إخواننا، والله ليسوا إخواننا، بل هم إخوان الشيطان.)
ويقول هذا القرني - عامله الله بعدله -:
أن الخلاف معهم - مع الرافضة - كبدوٍ تصادموا بسياراتهم وقالوا: كل واحد يصلح سيارته!!!
حسبنا الله ونعم الوكيل، وقاتل الله من كان قدر العقيدة عنده كما قال.
فخلافنا معهم في أصل الدين:
في التوحيد والشرك، والسنة والبدعة. 
مع أن قوله: "كل يصلح سيارته" اتهام لأهل السنة أن عندهم خطأ فيجب أن يصلحوه، وهذا من أبطل الباطل، وأشنع المنكر، فعقيدة أهل السنة صافية من الشوائب، خالية من الشركيات والمحدثات والمنكرات، لأنها من منبع معين، كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف. 
ولكن هذا وأضرابه من دعاة تقريب أهل الشرك والبدع، فلا ضير عنده أن ينسب المنكر لأهل الحق!!
فمن كان هذا كلامه سابقًا، فلا يُستغرب منه مثل هذه التغريدة الباطلة، ولكن وجب الردَّ عليه، لظهور منكره وانتشاره. 
وأيضا: هو كما صرح بنفسه أنه كان مع تنظيم الإخوان المجرمين، فلا تستغربن هذا منه، فالإخوان والرافضة توأمة مشتركة. 

ثانيًا: إن تغريدته المنكرة فيها موافقة للرافضة في بدعتهم، باتخاذهم يوم عاشوراء مأتمًا وعزاءً على مقتل الحسين - رضي الله عنه - وهم الذين قتلوه - قتلهم الله - ، فوافقهم في بدعتهم، وجعل عاشوراء تذكرة ومأتما على قتل الحسين، وذلك بذكره في وسم ( هاشتاق ) عزاء الرافضة!!
وهذا خلاف طريقة أهل السنة في اتخاذهم عاشوراء يوم صيام لله شكرا له على نجاة موسى عليه الصلاة والسلام، ولم يجعلوه عزاء للحسين - رضي الله عنه - لأن ذلك من فعل الجاهلية، والرافضة الشركية.
ثم إن استدلاله بكلام شيخ الإسلام - رحمه الله - تنزيل له في غير موضعه، فلم يقصد شيخ الإسلام تذكره في عاشوراء، وإنشاد المراثي فيه، بل شيخ الإسلام يجعل ذلك من المنكرات، ولكن مراده مطلق التذكر في أي وقت، وشيخ الإسلام يُنكر على الرافضة فعلهم، كما هو مستفيض في كتبه - رحمه الله -.
منها قوله في منهاج السنة (٤ / ٥٥٤):
صار الشيطان بسبب قتل الحسين - رضي الله عنه - يحدث للناس بدعتين:
بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثى، وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنتهم، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب، حتى يسب السابقون الأولون، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب، وكان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة، فإن هذا ليس واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين .
بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله.
وكذلك بدعة السرور والفرح.)

ثالثًا: إن في البيتين تجاوز لمن هو أجلّ قدرا من علي والحسين - رضي الله عنهم - وكلهم جليل القدر - وهو عثمان - رضي الله عنه -، فهل هذا التجاوز مبني على عقيدة فاسدة فيه، كما هو حال الإخوان الذين يطعنون فيه وفي خلافته؟!!
الله أعلم بذلك، ولكن هذا موطن ريبة، ومحل تهمة، خاصة أن عثمان استشهد ظلمًا وعدوانًا - رضي الله عنه -.

رابعًا: إن هذه الطريقة التي فعلها مع استشهاد الحسين - رضي الله عنه - هل فعلها مع موت الرسولﷺ، وموت أبي بكر،واستشهاد عمر، واستشهاد عثمان، واستشهاد علي،  - رضي الله عن الجميع -؟
وهل يعقل أن يفعل ذلك سنيٌّ متَّبعٌ لسنة الرسولﷺ ؟؟؟؟؟
لأنَّ هذا بلا شك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان!
فلماذا يُخصّ الحسين - رضي الله عنه - بذلك؟؟
إنَّه موافقة الرافضة في بدعتهم. 

خامسًا: إن هذه التغريدة كتبها عايض القرني في وسم ( هاشتاق ):  #يا_حسين

وهذا هاشتاق الرافضة الشركي، الذين يستغيثون بالحسين - رضي الله عنه - كما هو معروف عنهم. 
فكيف يشاركهم في هاشتاق شركي، ولا ينكر بكلمة واحدة شركهم وكفرهم ومنكرهم؟؟؟!!!!
لكن لا عجب منه إذ إن قدر العقيدة عنده كما قال: كل يصلح سيارته. 
فنسأل الله عزَّ وجلَّ أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويعز أولياءه، ويذل أعداءه، ويكبت منكر المميعين لشرعه، ويرد كيد الكائدين، ومكر الماكرين. 
فهذا ردٌّ مختصرٌ على هذه التغريدة المنكرة، أردتُّ بها بيان الحق للخلق، والله ولي المتقين؛ وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

كتبه: مبارك بن خليفة بن محمد العساف. 
الجمعة ١١ شهر الله المحرم ١٤٤٠ هـ