الجمعة، 3 يونيو 2016

مسائل وأحكام، على حديث " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَام"



مسائل وأحكام، على حديث " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَام"


الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
فهذهِ مسائلُ وأحكامٌ متعلقةٌ بحديثِ النبيﷺ:‏
"مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ‏".متفق عليه
جمعْتُهَا في رسالة واحدة؛ تسهيلاً وتيسيرًا وتقريبًا، راجيًا من الله حسن العمل، والعفوَ عن التقصير والزلل، فلا حرم اللهُ الكاتبَ والقارئَ والناشرَ غُنْمَ الثواب، فأقول مستعينًا بربِّ العباد، راجيًا للتوفيق والسداد:
المسألة الأولى:

 هل الحديثُ يشمل صيامَ الفرض الواجب بأصل الشرع، أو هو خاصٌّ بمن كان عليه نذر؟

فالجواب:
قد اختلف العلماءُ في هذهِ المسألة على قولين، فمنهم من جعله خاصًّا بصيام النذر، وهو ماذهب إليه الإمامُ أحمد؛ قال أبو داود بعد أن أخرج الحديثَ: هذا في النذر وهو قول أحمد بن حنبل.. انتهى)
ونصَر هذا القولَ ابنُ القيِّم - رحمه الله -، ورجَّحه شيخُنا العلامة صالح الفوزان - نفع الله به -.
ومنهم من جعله عامًّا في صيام النذر وصيام الواجب بأصل الشرع؛ وهو ترجيح أهل الحديث، وابن تيميَّة، وابن باز، وشيخ الحنابلة عبدالله بن عقيل، وابن عثيمين، - رحمهم اللهُ جميعًا - وهو الصحيح.

وقد ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي في الجديد إلى عدم الصيام، لا في النذر ولا الواجب بأصل الشرع.
ولكنه قولٌ مرجوحٌ.

قال الإمامُ ابن باز - رحمه اللهُ - ناصرًا القول بأنَّ الحديثَ عامٌّ في صيام النذر وصيام الواجب بأصل الشرع:
" الصوابُ أنه عامٌّ وليس خاصًّا بالنذر، وقد رُوِيَ عن بعض الأئمة كأحمد وجماعةٍ أنهم قالوا: إنه خاصٌّ بالنذر، ولكنه قول مرجوح ولا دليل عليه والصواب أنه عام؛ لأنَّ الرسولَﷺ قال: "مَنْ مات وعليه صيام صام عنه وليُّه" ولم يقل: صوم النذر، ولا يجوز تخصيصُ كلامِ النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالدليل؛ لأنَّ حديثَ النبي عليه الصلاة والسلام عامٌّ يعمُّ صومَ النذر وصومَ رمضان إذا تأخَّر المسلمُ في قضائه تكاسلاً مع القُدرةِ أو صوم الكفَّارات، فمَن ترك ذلك صام عنه وليه، والوليُّ هو القريب من أقاربه، وإن صام غيرُه أجزأ ذلك.

فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم، سأله رجلٌ قال: يا رسولَ الله إنَّ أمِّي ماتتْ وعليها صومُ شهرٍ أفأصوم عنها؟ قال:  " أرأيتَ لو كان على أمِّك دينٌ أكنت قاضيَه؟ اقضوا اللهَ فاللهُ أحقُّ بالوفاء".
وسألتْه امرأةٌ عن ذلك قالت: يا رسول الله إنَّ أمِّي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: " أرأيتِ لو كان على أمكِ دين أكنتِ قاضيتَه؟ اقضُوا الله فالله أحق بالوفاء".

وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ امرأةً قالت: يا رسول الله إني أمي ماتت وعليها صوم رمضان أفأصوم عنها؟ قال: "صُومِي عن أمِّك"
فأوضحتْ أنه رمضان فأمرها بالصيام.

والأحاديثُ كثيرةٌ دالَّةٌ على قضاء رمضان وغيره، وأنه لا وجه لتخصيص النذر بل هو قول مرجوح ضعيف والصواب: العموم."
[ الاختيارت الفقيهة / ٢٦١]

والمسألة الثانية :

 هل كل من مات وعليه صيام يصام عنه؟

الجواب:
ليس كلُّ مَن مات وعليه صيام يُصام عنه؛ لأنه لابدَّ أن يكون الميتُ قد تمكن من القضاء ولم يقضِ؛ أما إذا لم يتمكَّنْ من القضاء واستمرَّ معه العذرُ وماتَ، فلا يُصام عنه.

مثال ذلك:
لو أنَّ رجلاً أصابه مرضٌ في آخر رمضان واستمرَّ معه المرض إلى شوال ومات، فهذا لا يُقضى عنه؛ لأنه لم يتمكن من الصيام للعذر.
ولكنْ لو مرض رجل تسعةَ أيامٍ من رمضان ثم شُفِيَ، وجاء شوال ومات بعد شوال بعشرة أيام وكان صحيحًا معافًى، فهذا يُقضى عنه لأنَّه تمكن من القضاء ولم يقضِ.
قال العلامةُ العثيمين:
"مَن هو الذي إذا مات كان القضاء واجبًا عليه؟
الجواب: هو الذي تمكن من القضاء فلم يفعل، فإذا مات قلنا لوليِّه: صُمْ عنه."
[الشرح الممتع ٦ / ٤٥١]

المسألة الثالثة:

 إذا تمكن من قضاء بعض الذي عليه ثم مات، هل يصام عنه أم لا؟
الجواب: يصام عنه بقدر ما تمكن من القضاء، ولا يقضى عن الباقي.
مثال ذلك:
لو أن رجلاً عليه خمسة أيام، ثم زال عذرُه وأدرك ثلاثةَ أيام بعد العيد ولم يصم، فهذا يُصام عنه ثلاثة أيام، وأما اليومان الباقيان فإنَّها لا تُصام؛ لعدم تمكُّنِه منها.

قال الإمامُ ابن باز - رحمه اللهُ -:
"يُشرع لأقربائه أن يصوموا عنه ما يُقابل الأيام التي مضت عليه بعد العيد وهو سليم."
[الاختيارت الفقيهة / ٢٦٠]

المسألة الرابعة:

 لو نذر رجل أن يصوم شهر شعبان، ثم مات في رجب، هل يُصام عنه؟
الجواب: لا يُصام عنه؛ لأنَّه لم يُدركْ زمنَ الوجوب.

المسألة الخامسة:

 من هو الولي المقصود في الحديث؟
الجواب: اختلف أهلُ العلم في ذلك، فمنهم من قال: الوليُّ هو القريب مطلقًا؛ ورجَّحه الإمامُ ابن باز.
ومنهم من قال: هو الوارث؛ ورجَّحه الإمامُ العثيمين.
ومنهم من قال: هم العصبة.
قلتُ: والقول الأول أظهر، ولكن الوارث هو أقرب الأقرباء، فالحديث يتناوله من باب الأولوية.

المسألة السادسة:

 إذا لم يصم الوليُّ هل يجوز لغير الولي أن يصومَ عن الميت:
الجواب: الصحيح أنه يجوز ذلك، خلافًا لمن قال: هو خاصٌّ بالوليِّ كما دلَّ النصُّ؛ ولكن يُرَدُّ عليهم بأن هذا خرج مخرجَ الغالب.

قال الحافظُ ابن حجر
- رحمه اللهُ -:
"وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير -أيْ جواز غير الوليِّ أن يصومَ - وبه جزم أبو الطيب الطبري، وقوَّاه بتشبيه النبيﷺ ذلك بالدَّين والدين لا يختصُّ بالقريب.
[ فتح الباري ٤ / ٧٠٧]
قلتُ : ورجَّح القول بجواز صيام غير الولي، الإمامُ ابن باز - رحمه اللهُ -.

المسألة السابعة:

 هل الأمر بالصيام عن الميت واجب أم مستحب؟
الجواب: الجمهور على أنه مستحبٌّ، وصرَفه عن الوجوب قولُه تعالى:
(وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)
قال الحافظُ ابن حجر
- رحمه اللهُ -:
"وليس هذا الأمر للوجوب عند الجمهور."
[فتح الباري ٤ / ٧٠٦]
وقال العلامةُ العثيمين - رحمه اللهُ - : " لو قلنا بوجوب قضاء الصوم عن الميت لزم من عدم قضائه أن تزرَ وازرةٌ وِزْرَ أخرى، وهذا خلاف ماجاء به القرآن."
[ الشرح الممتع ٦ / ٤٥٠ ]

المسألة الثامنة:

 مَن مات وعليه صيام ولم يتمكن من القضاء، وقد قلنا إنه لا يصام عنه، فهل يُخرج إطعامٌ مِن تَرِكَتِهِ؟
الجواب: لا يُخرج عنه إطعام، وهذا هو قول عامَّة العلماء؛ لأنه لم يجب عليه شيءٌ.

قال العظيم آبادي - رحمه اللهُ -:
" واتفق أهل العلم على أنه إذا أفطر في المرض والسفر، ثم لم يفرط في القضاء حتى مات فإنه لا شيءَ عليه، ولا يجبُ الإطعامُ عنه؛ غيرَ قتادة فإنه قال: يُطعم عنه. وحُكِيَ ذلك أيضًا عن طاووس.
[عون المعبود ٢٦ / ٧]

المسألة التاسعة:

إذا لم يصم الوليُّ عن الميت الذي تمكن من القضاء، فهل يخرج عنه إطعامًا؟

الجواب: يجب على الأولياء إذا لم يصوموا أن يُخرجوا من تركة الميت إطعامًا، فإنَّ لم يكن له تركة، فلا يجب عليهم إخراجُ شيءٍ مِن عندهم.

قال الإمامُ ابن باز
- رحمه اللهُ -:
" إذا أفطر المسلم في رمضان لمرضٍ، ثم شُفي وتساهل في القضاء ثم مات فإنه يُشرع لأقربائه أن يقضوا عنه، فإن لم يصوموا عنه أطعموا عنه من تَرِكَتِهِ عن كل يوم مسكينًا، ومَن لم يكن له تركة يمكن الإطعام منها فلا شيء عليه."
[مجموع الفتاوى ١٥ / ٣٦٨]

المسألة العاشرة:
هل يجوز تقسيمُ صيام الأيام على عددٍ من الأولياء؟
الجواب: يجوز تقسيم الأيام على أكثرَ من شخص ولا بأس في ذلك، بل هو من التعاون على البِرِّ والتقوى.

قال الإمامُ ابن باز
- رحمه اللهُ -:
" لو تعاون أولاد من مات وعليه صوم أو اقاربه على الصيام الذي عليه فيصوم كل واحد منهم يومًا أو أيامًا فلا بأسَ وهو مشروع."
[الاختيارت الفقيهة / ٢٦١]

المسألة الحادية عشرة:
هل يجوز تقسيم صيام الأيام على عدد من الأولياء إذا كان الصوم يشترط فيه التتابعُ: كفارة الجماع، والظهار، والقتل، واليمين، وكالنذر المشترط فيه التتابع؟

الجواب: لابدَّ في الصيام المشترط فيه التتابع أن يصومَه واحدٌ فقط، حتى يَصْدُقَ عليه أنه صام الأيام متتابعةً.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
" أمَّا في كفَّارة الظهار ونحوها فلا يمكن أن يقتسم الورثة الصوم لاشتراط التتابع؛ ولأن كل واحد منهم لم يصم شهرين متتابعين.
وقد يقول قائل: يمكن بأن يصوم واحد ثلاثة أيام، وإذا أفطر صام الثاني ثلاثة أيام وهَلُمَّ جرَّا حتى تتم؟
فيُجاب بأنه لا يصدق على واحد منهم أنه صام شهرين متتابعين.
[ الشرح الممتع ٦ / ٤٥٣]

المسألة الثانية عشرة:
هل يجوز أن يقسم الأولياء عدد الأيام على بعضهم ثم يصومونها في يوم واحد؟
الجواب: يجوز ذلك، ومثالها: لو أن رجلاً عليه ثلاثون يومًا، وقام ثلاثون رجلاً وصاموا عنه في يوم واحد، فإنَّه يجزئ.
روى البخاري عن الحسن معلقًا مجزومًا به، ووصله الدار قطني كما قال ابن حجر، أنه قال:
إنْ صام عنه ثلاثون رجلاً يومًا واحدًا جاز.
انظر:
[ فتح الباري ٤ / ٧٠٥]

المسألة الثالثة عشرة:
هل المرأة داخلة في الحديث، بحيث يجوز لها الصيام عن الميت؟
الجواب: نعم، لأن الأصل الاشتراك مالم يدل دليل على التفريق.
فكيف وقد جاء النص بذلك
جاء عند البخاري ومسلم من حديث ابن عباس :
جَاءَت امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فَقَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نذْرٍ، أَفأَصُومُ عَنْهَا؟ قالَ: أَرَايْتِ لَو كانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكانَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ"

المسألة الرابعة عشرة:

هل يدل الحديث على جواز الصيام عن الميت تطوعا؟
الجواب: لا يدلُّ على ذلك، وإنما الحديث في الصيام الواجب، فنقتصر عليه؛ لأن الأصل المنع من النيابة في العباداتِ البدنيَّةِ.

فهذهِ جملةٌ من الأحكام الشرعية المتعلقة بحديث النبيﷺ: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ. " نقلتها ميسَّرةً، سهلةً مختصرةً، أرجو من الله التسديدَ والصوابَ، والقبولَ والثوابَ، واللهُ أعلمُ، وصلى اللهُ وسلَّم علىٰ نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتبه:
مبارك بن خليفة بن محمد العساف.
الخميس ٢٦ / ٨ / ١٤٣٧هـ

الثلاثاء، 31 مايو 2016

مختصر أحكام المسابقات.

مختصر أحكام المسابقات.
أما بعد.
فهذا بيان مختصر لحكم المسابقات التي يجوز أخذ العوض عليها، والتي لا يجوز أخذ العوض عليها، لأنَّ في زماننا يخفى هذا الحكم على كثير من الناس، خاصةً في المسابقات الرياضية، فأحببت البيان مدعما بنقل فتاوى اللجنة الدائمة في هذا الباب، راجيًا رب العباد، التوفيق والسداد. 
وعلى هذا فإن بيانه يكون كما أخبر النبيُّ في الحديث: 
لا سبق إلاَّ في خف وحافر ونصل. 
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم.
معاني الحديث:
السبَق: العوض والجائزة. 
الخف: الإبل.
الحافر: الفرس.
النصل: السهم.

فهذا الحديث فيه بيان أن العوض والجائزة لا تكون إلاَّ في هذهِ المسابقات الثلاث؛ وما عداها من المسابقات لا تؤخذ فيها جائزة. 
وتكون المسابقة في الخيل والإبل بالركوب عليها، وليس في جمالها ونحوه.
وقد ألحق بعض العلماء المسابقات الدينية في الحديث، لأن هذهِ المسابقات المذكورة في الحديث من أسباب الإعانة على الجهاد، فمن باب أولى العلم الشرعي، لأنه أصل الجهاد.
وعلى هذا تكون المسابقات على ثلاثة أنواع:
١- يجوز السباق عليها وأخذ العوض والجائزة سواءً من أطراف المتسابقين أو خارجهم؛ وهذهِ تكون في الخيل والإبل والرمي، وأُلحق بها المسابقة الدينية.
٢- يجوز السباق عليها ولكن لا يجوز أخذ العوض عليها، سواءً من نفس المتسابقين أو من خارجهم، كاللعب بالكرة، والسباق بالأقدام، ونحوها .
فهذهِ مباحة إذا لم يكن فيها مخالفة للشريعة، وأما أخذ العوض عليها بأي صورة كانت فهي داخلة في الميسر.
٣- لا يجوز السباق عليها ولا أخذ العوض، لأنها محرمة في الأصل، كألعاب النرد ونحوها.
إذًا :
مايحصل من إقامة الدورات الرياضية ونحوها، من دفع المشاركين رسوم الدخول، ثم يفوز فريق ويأخذ الجائزة يعتبر ميسرا من وجهين : 
الأول: أن تلك الصورة، وهي: دفع الرسوم من الكل ثم يفوز واحد هي عين القمار.
الثاني: أن هناك عوضا على هذه المسابقات وهي ليست داخلة في الحديث المذكور
والحكم في هذا العمل أنه حرام، وداخل في الميسر الذي حرمه الله ورسوله؛ قال تعالى :
﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُون
وهنا أنقل للقارئ بعض فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة العلامة ابن باز - رحمه اللهُ - في هذه المسابقات:
الفتوى الأولى:
السؤال الرابع من الفتوى رقم (١٦٣٤٢)
السؤال: في المسابقات الرياضية تقدم جوائز للفريق الفائز - كأس - ما حكمه في الإسلام؟ 
علمًا بأن الدراهم تؤخذ من الفرق المشاركة في الدورة ويتم بهذه الدراهم شراء الكأس.
الجواب: لا يجوز أخذ المال على المسابقات الرياضية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر؛ لأن المسابقات على هذه الثلاث فيها تدريب على الجهاد، بخلاف المسابقات الرياضية، فليست كذلك، فلا يجوز أخذ العوض عليها، والمراد بالثلاث المذكورة بالحديث: الإبل والخيل والسلاح.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد - عبد العزيز آل الشيخ- صالح الفوزان - عبد الرزاق عفيفي - عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
الفتوى الثانية:
قالت اللجنةُ الدائمة عندما سئلوا عن مسابقة ثقافية عن الخيول، مع أن المتسابقين لا يدفعون شيئا من المبالغ:
المقصود من المسابقة شرعًا تدريب أبناء المسلمين على ركوب الخيل والإبل، وكيفية الرمي، فيحصل بذلك مقصود الجهاد، وهو الانتصار على العدو، ومعرفة الأسباب الحسنة الموصلة إلى ذلك.
وما ذكرتم من التوقعات والإجابة عن الأسئلة لا يحصل به مقصود الشارع، وبناء على ذلك ترى اللجنة برئاستي واشتراكي: أن هذه المسابقة غير مشروعة، وأخذ المال فيها أخذ بغير حق.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد - عبد العزيز آل الشيخ - صالح الفوزان - عبد الله بن غديان - عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
الفتوى الثالثة:
وسئلت اللجنةُ الدائمة هذا السؤال من الفتوى رقم: (١٨٩٥١):
ما حكم مشاهدة المباراة الرياضية، المتمثلة في مباراة  كأس العالم وغيره؟
الجواب:
مباريات كرة القدم التي على مال أو نحوه من جوائز حرام؛ لكون ذلك قمارًا؛ لأنه لا يجوز أخذ السبق وهو العوض إلا فيما أذن فيه الشرع، وهو المسابقة على الخيل والإبل والرماية، وعلى هذا فحضور المباريات حرام ومشاهدتها كذلك، لمن علم أنها على عوض؛ لأن في حضوره لها إقرارًا لها، أما إذا كانت المباراة على غير عوض ولم تشغل عما أوجب الله من الصلاة وغيرها، ولم تشتمل على محظور؛ ككشف العورات، أو اختلاط النساء بالرجال، أو وجود آلات لهو - فلا حرج فيها ولا في مشاهدتها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر بن عبد الله أبو زيد - صالح بن فوزان الفوزان - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
وفي هذهِ الفتاوى كفاية - إن شاء الله -.
وبهذا يتبيَّن لنا حكم المسابقات التي يجوز أخذ العوض عليها، والتي لا يجوز أخذ العوض والجائزة عليها؛ وأسأل الله أن يوفقنا جميعًا لمرضاته، وأن يجعلنا على البر والتقوى متعاونين، وعلى الحق مجتمعين،
وصلى اللهُ وسلم علىٰ نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتبه: مبارك بن خليفة العساف.
الثلاثاء ٢٤ / ٨ / ١٤٣٧هـ