الثلاثاء، 30 يناير 2018

التَّعليق على قول البربهاري: (ولا نُخرج أحدًا من أهل القبْلة من الإسلام.)


التَّعليق على قول البربهاري:
(ولا نُخرج أحدًا من أهل القبْلة من الإسلام.)


أما بعد:


فقد قال الإمام البربهاري المتوفى (٣٢٩ هـ) - رحمه الله - في شرح السنة:

(ولا نُخرج أحدًا من أهل القبْلة من الإسلام، حتى يردّ آيةً من كتاب الله أو يردّ شيئًا من آثار رسول ﷺ،
أو يذبح لغير الله، أويصلي لغير الله، فإذا فعل شيئًا من ذلك: فقد وَجَبَ عليك أن تُخْرِجَه من الإسلام.)

قلتُ: هذا بيان محكم من هذا الإمام،
فيه تقريرٌ لعقيدة أهل السنَّة، وردٌّ على الطائفتين الضالتين الخوارج والمرجئة.
- ففي قوله:(ولا نُخرج أحدًا من أهل القبْلة من الإسلام):
عدم التكفير بالذنوب والمعاصي التي هي دون الشرك الأكبر والكفر الأكبر، وهذا ردٌّ على الخوارج الذين يُكفرون بالذنوب والمعاصي التي دون الشرك الأكبر والكفر الأكبر.

- وفي قوله: (حتى يردّ آيةً من كتاب الله أو يردّ شيئًا من آثار رسول ﷺ، أو يذبح لغير الله، أويصلي لغير الله، فإذا فعل شيئًا من ذلك: فقد وَجَبَ عليك أن تُخْرِجَه من  الإسلام.)
التكفير بالشرك الأكبر والكفر الأكبر وجوبًا، وهذا ردٌّ على المرجئة الذين لا يُكفِّرون بالشرك الأكبر والكفر الأكبر إذا كان فاعلهما يقول:
لا إله إلا الله محمد رسول الله، فتقول المرجئة: فعله كفر وليس بكافر حتى يجحد بقلبه، ويصر ويعاند!!!!
وأي إسلام يبقى مع من يدعو غير الله، ويرد كتاب الله وسنة رسولهﷺ.
فلا إله إلَّا الله ليست كلمةً تُقال فقط دون التزامٍ لمعناها، فمن قالها ثم فعل ما يناقضها فإنَّه ليس من أهلها، وإن رددها ألف مرة!

وفي قول البربهاري: (فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام):
بيان أن تكفير الكافر والمشرك من الواجبات، بل لا يصح إسلام العبد إلّا بتكفير الكافرين والمشركين، لأنَّ التكفير شطر كلمة التوحيد،
وهذا يستوي فيه العالم والعامي، لأنَّ هذا أصل الدين.
فلا يقل أحدٌ: أنا لا أُكَفِّر أحدًا، بل يجب عليك تكفير المشركين والكافرين الذين كفرهم ظاهر جلي، كدعاء غير الله، والذبح لغير الله، ومن يستهزئ بالدين، ومن ينكر ضروريات الإسلام وهو بين المسلمين، ونحو ذلك.
وفي قول البربهاري: ( فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام):
دليل على أنَّ هذا في المرتد، وهو الذي كفر بعد إسلامه بارتكابه هذه النواقض، وهذا ردٌّ على المرجئة الذين يصرفون ألفاظ الكتاب والسنة وكلام العلماء إلى الكفار الأصليين دون المرتدين بارتكاب النواقض!

ويستفاد أيضًا من كلام البربهاري - رحمه الله تعالى -:
 عدم اشتراط البيان قبل التكفير، بل هذه المسائل يكفر صاحبها بمجرد فعلها، لأنها ظاهرة جلية.
وهذا معتقد أهل السنة في هذا الباب.
وأما الاستتابة وإقامة الحدود على المرتد فهذه لولي الأمر ومن ينوبه، أما نحن فالواجب علينا دينا واعتقادا أن نُكفِّر المشركين والكافرين، سواء أقيم الحد أو لم يقم، فهذا ليس شأننا، وإنما شأن ولاة الأمر، ففرق بين الأمرين.
فهذا تعليق يسير على هذه العبارة الجزيلة من هذا الإمام، وإلا فالمقام يحتاج إلى بسط، ولكن هذا لطيف الإشارة على جميل العبارة،
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه: مبارك بن خليفة بن محمد العساف.
الثلاثاء ١٣ جمادى الأولى ١٤٣٩هـ