قصّات الشعر منكرٌ
استشرى شرًا
﷽
أما بعد
فقد انتشرت
في المجتمع قصَّات الشعر المقززة، التي هي بوابة الانفلات من الأخلاق، والتدرج في
منكرات الأفعال، كما هو معلوم ومشاهد في الواقع!
فقصَّات الشعر قَلَّ بين
الناسِ إنكارُها، وزاد في المجتمعِ انتشارُها.
تقليدًا للكفرةِ والمشركين، والفَسَقَةِ والماجِنين.
وذلك منكرٌ عظيمٌ لو كانوا يعلمون.
فالقصّات اليوم ليست مجردَ قزع، بل هي قزعٌ وزيادة؛ فالقزعُ في الأصل
منهيٌّ عنه وهو محرم على الصحيح.
قال الإمام ابن باز -
رحمه الله - عن القزع: "هذا لا يجوز، بعض أهل العلم جزم بالكراهة، وظاهر
الحديث التحريم" انتهى.)
قلتُ: وهذا الصواب، فالنهي الأصل فيه التحريم، إلا إذا جاء صارفٌ للتحريم
إلى الكراهة، ولم يأتِ صارفٌ؛ فيبقى النهي على التحريم.
والقصّات المنتشرة
اليوم محرمة بلا شكٍّ ولا ريب، وذلك لأمور:
١- أنها داخلةٌ في القزع المنهي عنه.
عن ابن عُمر رضي اللَّه عنهُما قَالَ: "نَهَى
رسُولُ اللَّه ﷺ عنِ القَزع" متفق عَلَيْهِ.
٢- أنها تشبُّهٌ بالمشركين والفاسقين والماجنين.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَشَبَّهَ
بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ"
رواه أبو داود
والتشبه بهم في الظاهر سببٌ للتشبه بهم في الباطن.
٣- أنها مجاهرة بالمنكر.
عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى
إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ "
رواه البخاري ومسلم.
٤- أنها سببٌ لأن يقتدي الناس بأصحابها ، وهذا اقتداء
في الشر، وباب واسع لتكثير السيئات
قال صلى الله عليه وسلم: "ومن سَنَّ في الإسلام
سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بها بعده كُتِبَ عليه مِثْلُ وِزْرِ من عَمِلَ بها ،
ولا ينقص من أوزارهم شيءٌ".
رواه مسلم.
والمصيبة
الكبرى أن يكون ولي الأمر الذي يُرجى منه توجيه الأبناء نحو هذه القصّات يكون هو
من يفعلها !
والله المستعان!
وهو والله مسؤول عن نفسه، وعن من تحت ولايته.
عن ابن عمر - رضي
الله عنهما - قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه"
متفق عليه
قال تعالى:
﴿يا أَيُّهَا
الَّذينَ آمَنوا قوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم نارًا وَقودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ
عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعصونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما
يُؤمَرونَ﴾ [التحريم: ٦]
٥- أنها سببٌ لإِلف الميوعة والتكسر، وهذا مشاهد عند
كثيرٍ ممن يفعل هذه القصات.
ومن تميّع وتكسّر فقد تشبه بالنساء، وهذا منكرٌ عظيم.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ،
وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ."
رواه البخاري
٦- أنها سببٌ لمنكراتٍ أخرى، وذريعةٌ لمحرماتٍ نكراء.
منها: أنهم صاروا ينتفون الحواجب
ويقصونها، ويجعلون القصات مرتبطة مع قص الحواجب؛ وهذا من النمص المُحرّم الملعون
من فعله.
ومنها: أنهم يُسرّحون الشعر كتسريح الكفرة والفاسقين تماشيًا مع القصة.
ومنها: أنهم يصبغون الشعر بألوان يتشبهون فيها بالكفرة والفاسقين، تماشيًا مع
القصة.
ومنها: أنهم استسهلوا القصات فاستسهلوا السلاسل والحلق والخيوط.
ومنها: أنهم استسهلوا القصات فانتقلوا إلى الوشم وما يشابهه من الرسوم
المؤقتة التي لها حكم الوشم! وصاحبها متوعد باللعن.
وغير ذلك من المنكرات المتتابعة،
فقصّات الشعر بوابتها، وطريقها وسبيلها.
فهل أنتم متعظون؟!
وعليه فيجب التناصح في هذا الأمر
المنكر، والتحذير منه، فقد استشرى شرًا في المجتمع، وصارت المناظر مقززة، والحياء
منكسرًا.
ففي السابق كان من يفعل القزع
يتخفى به عن مجامع الرجال، ومشاهد المناسبات؛ وأما اليوم: فلا حياء من الله ولا
حياء من الخلق، فتجدهم بقصاتهم المقززة يغشون المجالس، ويشهدون المساجد، ويعلنون
المنكر؛ والله المستعان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِنَا
دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لنَا دُنْيَانَا الَّتِي
فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا،
وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ
رَاحَةً لنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا
محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
🖊كتبه:
مبارك بن خليفة بن محمد العساف
٣ شهر الله المحرم ١٤٤٤هـ