السبت، 27 يناير 2018

من المنكرات: مسابقات مزاين الإبل.


من المنكرات: مسابقات مزاين الإبل.



أما بعد:

فإن مسابقات مزاين الإبل شر وبلاء، لما فيها من منكرات كثيرة عديدة، وقد قلّ إنكارها بين الناس، فلذلك وجب بيانُ شيءٍ من منكراتها، تحذيرًا ونصحًا ومعذرةً، فمن أبرز المنكرات الظاهرة:

١ - الإسراف والتبذير العظيم الذي يحدث فيها، وقد قال سبحانه: ﴿وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ﴾ [الأعراف: ٣١
وقال سبحانه:  ﴿ولا تُبَذِّر تَبذيرًا ۝ إِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا﴾ [الإسراء: ٢٦-٢٧]
ولا يخفى على ذي بصيرة مايُصرف في هذه المزاين من الأموال الطائلة، والتبذير الكبير في النعم، التي يُراد في كثير منها المباهاة والمفاخرة.


٢ - العصبية الجاهلية، والحمية الباطلة، والتفاخر بالأنساب، والحطُّ من الغير، وهذه كلها محرمة مذمومة، بالنصوص الشرعية.
فالله جعل في كتابه التفاضل بالتقوى لا بالحسب والنسب، قال سبحانه:
﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثى وَجَعَلناكُم شُعوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقاكُم إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣]
وقالﷺ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ»
رواه أبو داود وحسنه الألباني.


٣ - أنها من الميسر الذي حرمه الله عز وجل، وذلك لأنها ليست من المسابقات التي يجوز أخذ العوض عليها، فقد جاء في الحديث عن النبيﷺ:
(لا سبق إلاَّ في خف وحافر ونصل.)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم
والخف: الإبل.
الحافر: الخيل.
النصل: الرمي.
والمقصود بالإبل السباق عليها، لا التسابق على زينها وجمالها، ففرق بين الأمرين.
فإذن: صرف الأموال في هذه المزاين صرفٌ للمال في الباطل، والمرء مسؤول عن ماله يوم القيامة، كيف اكتسبه وفيما أنفقه؟
فليعد هؤلاء الذين يصرفون أموالهم في هذه الأباطيل جوابًا عندما يقفون بين يدي الله.
وعليه: فلا يجوز حضور هذه المزاين إلا لمن ينكر ويبين الحكم الشرعي، ولا يجوز المعاونة على إقامته، ولا المشاركة فيه.

وأختم هذه الرسالة بفتوى سماحة شيخنا العلامة صالح الفوزان - حفظه الله -.

قال شيخنا عندما سئل عن المزاين:
لا يجوز المشاركة في ذلك، لما فيه من المنكرات من بذل الأموال الطويلة بغير فائدة، والله جل وعلا قال: ( يا أيها الذين أمنو لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضً منكم ) ولا يجوز أخذ العوض على المسابقات لأنه قمار إلا ماأستثناه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: [ لا سبق إلا في ثلاث: في نصل أو خف أو حافر ] والمراد في ذلك المسابقة على الخيل أو على الأبل أو على الرماية لأجل التدرب على الجهاد في سبيل الله، وما عدا ذلك لا يجوز أخذ الجوائز عليه من المسابقات، لأنه أكل المال بالباطل، وهو داخل في الميسر وهو القمار.
وهذا رابط صوتي للفتوى:
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه: مبارك بن خليفة بن محمد العساف.
ليلة الأحد ١١ / ٥ / ١٤٣٩ هـ