﷽
أما
بعد:
فقد
رأيت تغريدة لعادل الكلباني هذا نصها:
(صارعَ ( ﷺ ) ركانَةً على شاةٍ فصرعَهُ)
وقد
قالها تزامنًا مع عرض المصارعة الحرة في بلاد التوحيد والسنة، وليست هذه أول
موبقاته، ولا آخر مهلكاته، والرَّدُّ عليه من وجهين:
الأول:
حديث أن ركانة صارع
النبي ﷺ فصرعه النبي ﷺ، حسنه بعض أهل العلم وضعفه آخرون، - وعلى فرض ثبوته - فإنَّ
الاستدلال به على المصارعة الحرَّة الواقعة تحريفٌ للسنَّة، وكذبٌ على الشرع،
وتنقصٌ لمقام النُّبوَّة، وذلك لأنَّ مقام النُّبُوَّة لا يُستدل به على الفسق
والتَّعري والمجون، ولا يفعل ذلك إلا منكوس الفطرة، أعمى البصيرة، وريث المشركين
في قولهم كما قال الله تعالى عنهم: ﴿وَإِذا فَعَلوا فاحِشَةً قالوا
وَجَدنا عَلَيها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُل إِنَّ اللَّهَ لا يَأمُرُ
بِالفَحشاءِ أَتَقولونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعلَمونَ﴾
الوجه
الثاني: بيان فوارق قياسه المصارعتين على
بعضهما:
أولًا: أن المصارعة المقصودة في الحديث هي مصارعة
البدن على من يرمي الآخر على الأرض، وليست ضرب الوجه، والإيذاء والعنف، فإنَّ هذا
منهيٌّ عنه شرعًا بنص حديث رسول اللهﷺ: إِذَا قاتلَ أحَدُكم فلْيَجْتَنِب
الوَجْهَ. رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري. وفي
لفظ لمسلم:
إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ )
وفي
رواية له بلفظ: ( إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ )
فهذا
يدل على تحريم ضرب الوجه.
فكيف
يُقاس هذا على هذا؟
مالك
ياكلباني كيف تحكم؟!!
ثانيًا: مصارعة
النَّبيِّ ﷺ لركانة لم تكن بالتعري وكشف العورات، واختلاط النساء بالرجال، ونشر
صور النساء العاريات، - حاشا وكلّا - وتنزه نبينا عن هذه المنكرات - ، بينما
المصارعة الحاصلة، فيها تكشف العورات، ولم يُستر منها غير السوأتين، وفيها اختلاط
الرجال بالنساء، واجتماعهم على منكر، وتطبيع للمجتمع على رؤية هذا التعري المنكر،
فكيف يُقاس هذا بمصارعة الرسول ﷺ لركانة؟!!!
هل
يقيس هذا على هذا من شمَّ رائحة الإيمان؟!!!
ياكلباني
مالك كيف تحكم؟!
ثالثًا: جاء في روايات الحديث مرسلًا، أن المصارعة كانت سببًا في
إسلام ركانة - رضي الله عنه - على فرض الصحة والثبوت - فتكون مصارعة النبيﷺ له
لإظهار الإسلام، وأما المصارعات الحالية ففيها تعظيم الكفار، وإدخالهم لجزيرة
العرب من غير ضرورة ملجئة، ولا حاجة مُلّحة، وهذا خلاف ما أمر به النبيﷺ من
إخراجهم!
فكل
هذه منكرات مهلكات، وهذا يستدل عليها بحديث الرسولﷺ !!
نعوذ
بالله من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهدى.
وأخيرًا:
رسالتان:
الأولى: إلى الكلباني ومن لفَّ لفّّه:
إنكم
لم تكتفوا بالسكوت عن بيان الحق، بل قمتم بالمشاركة في تأييد المنكر، بل قمتم
بالكذب على الشرع في شرعنة المنكرات، فهل غرتكم الحياة الدنيا وزخرفها الزائل؟؟
أم
أنكم تكيدون للإسلام من الداخل؟؟
﴿أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُم مَبعوثونَ لِيَومٍ عَظيمٍ
يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ﴾
فاتقوا
الله، واعلموا أنكم محاسبون، وعن أعمالكم مجزيون، ولوزر من تبعكم في الضلالة
حاملون.
الرسالة الثانية: لأهل العلم:
إن
عليكم حملًا ثقيلًا، وميثاقًا غليظًا، فلا تكتموا الحق، ولا تتكاسلوا عن القيام
به، فأمثال الكلباني كثيرون، يملؤون وسائل التواصل بباطلهم، فيحتاج الناس أمثالكم
لرد باطلهم، فاستعينوا بالله وجاهدوا، وفي سبيل الله رابطوا، واتقوا الله لعلكم
تفلحون.
هذا
آخر البيان، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
🖋مبارك
بن خليفة بن محمد العساف
ليلة
الأحد ١٣ / ٨ / ١٤٣٩هـ