الثلاثاء، 19 مايو 2015

حكمُ الاحتفالِ باليومِ الوطني

حكمُ الاحتفالِ باليومِ الوطني
                     
الحمدُ لله ربِ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرف المرسلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.

فهذا مقالٌ مختصرٌ، أبين فيه حكم الاحتفال باليوم الوطني، وهو مقالٌ سابقٌ لي، قد نقحتُ فيه وزدتُ قليلاً، فأقول مستعينًا بالله:
إنَّ معرفتنا لتعريفِ العيدِ والأصل فيه، يفيدنا حكم اليوم الوطني؛

فتعريفُ العيد:
هو ماعاد وتكرر في زمن معين، سواءً كان شهراً، أو أسبوعاً، أو يوماً.
والأصلُ في جنسِ الأعيادِ القربةُ.

قال الإمامُ محمد بن إبراهيم
- رحمه الله - في فتواه عن العيد الوطني:
( فإنَّ جنس العيد الأصلُ فيه أنَّه عبادةٌ وقربةٌ إلى الله تعالى..الخ)
[مجموع الفتاوى 111 / 3 ]

فاليومُ الوطني كمسمى - عند الناس - لا يسمى عيداً، ولكن في الحقيقة هو عيدٌ؛
لأنَّ المسميات لا تغير من الحقائق شيئًا!
وكونه عيداً يتبيَّنُ لنا الحكم الشرعي فيه: لأنه ليس في الإسلام إلَّا عيدان فقط، وما سواهما فهو عيدٌ باطلٌ محرمٌ.
ثم لو سَلِمَ من هذا المحذور،- أنَّه عيد - لم يسلمْ من كونه تشبهاً بالكافرين، الذين سنوا هذه الفكرة.
وليس فعلُ هذا من شكرِ الله كما يقوله البعضُ، بل هو مضادٌ للأدلة الشرعية، فلا يشكر الله عز وجل ببدعة، وتشبه بأعدائِه.

فقد أقام النبيُﷺ دولة الإسلام، التي لا تضاهيها دولةٌ قط،
ومع ذلك: لم يحتفل بإقامتها الرسولُﷺ، ولا الصحابةُ، ولا التابعون.
ولم يحتفل الرسولُﷺ وصحبُه والتابعون، بالفتح العظيم: فتح مكة.
ولم يحتفل الرسولُﷺ وصحبُه والتابعون، بنصرهم في الفتوح والغزوات، ويعتبروا هذا من شكر الله!!
فالخيرُ كلُ الخيرِ فيما عمله الأولون.

ودونك - أيها القارئ الكريمُ -بعضَ  فتاوى أئمةِ الهدى، وأنوارِ الدجى، في حكم الاحتفال باليوم الوطني:
 فتوى العلامةِ الإمام: محمد بن إبراهيم - رحمه الله - في اليوم الوطني مصورة من فتاواه

 وهذه فتوى اللجنة الدائمة برئاسة شيخ الإسلام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - كما في الفتوى رقم: (٩٤٠٣):
جـ: أولا: العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع أو نحو ذلك فالعيد يجمع أمورا منها : يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم الجمعة ، ومنها: الاجتماع في ذلك اليوم ومنها: الأعمال التي يقام بها في ذلك اليوم من عبادات وعادات.
ثانيا: ما كان من ذلك مقصودا به التنسك والتقرب أوالتعظيم كسبا للأجر، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:  من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
رواه البخاري ومسلم.

مثال ذلك: الاحتفال بعيد المولد وعيد الأم والعيد الوطني لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله، ولما في ذلك من التشبه بالنصارى ونحوهم من الكفرة ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار،
وما كان المقصود منه تنظيم الأعمال مثلا لمصلحة الأمة وضبط أمورها كأسبوع المرور وتنظيم مواعيد الدراسة والاجتماع بالموظفين للعمل ونحو ذلك مما لا يفضي به التقرب والعبادة والتعظيم بالأصالة ، فهو من البدع العادية التي لا يشملها قوله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد؛  فلا حرج فيه بل يكون مشروعا..)

وقال شيخنا العلامة الإمام صالح الفوزان في خطبة:
"الحث على مخالفة الكفار":
ومن ذلك تقليدهم في الأعياد الشركية والبدعية كأعياد الموالد- عند مولد الرسول  - وأعياد موالد الرؤساء والملوك. وقد تسمى هذه الأعياد البدعية أو الشركية بالأيام أو الأسابيع – كاليوم الوطني للبلاد
ويوم الأم وأسبوع النظافة –
وغير ذلك من الأعياد اليومية والأسبوعية، وكلها وافدة على المسلمين من الكفار؛ وإلا فليس في الإسلام إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى. وما عداهما فهو بدعة وتقليد للكفار، فيجب على المسلمين أن ينتبهوا لذلك ولا يغتروا بكثرة من يفعله ممن ينتسب إلى الإسلام وهو يجهل حقيقة الإسلام، فيقع في هذه الأمور عن جهل، أو لا يجهل حقيقة الإسلام ولكنه يتعمد هذه الأمور، فالمصيبة حينئذ أشد. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلاْخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً.
[الأحزاب:٢١]

وأخيرًا:
أحبُ التنبيه علىٰ أمر يستغله الحزبيون والحركيون، وهو:
التهييجُ على ولاةِ الأمور بسبب هذا الفعل!
فالعملُ الصحيحُ الذي هو معتقدُ أهل السنة:
إنكارُ المنكر الظاهر، دون التعرضِ لمن يفعلُه من الحكام!
كقولنا: إنَّ الربا حرام، والاختلاط حرام...الخ
دون التعرضِ لمنْ يفعله مِنْ ولاةِ الأمور.
لأنَّ الإنكار عليهم له حكمُه الخاص،
والنصيحة لهمْ لها حكمها الخاص.
ولا يطاعُ الحاكم في معصيةِ الله، ولكن لا يخرجُ عليه بسبب هذه المعصيةِ والمنكر.
وهذا هو معتقدُ أهل السنة والجماعة، وسط بين نقيضين:
بين من يزين للحكام المعاصي ويبررها، ومن يشهر بهم ويخرج عليهم بسببها.
فيا بلية الإسلام من هاتين الطائفتين!!
والحزبيون تراهم ينشطون في كلِ ماهو منكرٌ ضد الدولة!! ويسكتون عن منكرات بعضهم!!
والعجيبُ أنَّهم لاينكرون على بعضهم في هذه المسألة
-اليوم الوطني-!
فتجدُ بعضهم يفتي بالجواز، وبعضهم بالتحريم!
فالذي يفتي بالتحريم يشتدُ نكيرُه على الدولة، وعلى منْ أفتى مِنْ غيرِ حزبه!
وأما من أفتى بالجواز من أصحابِه
لا ينكرُ عليه ويستمعلُ قاعدة:
لا أرى!
لا أسمع!
لا أتكلم!
وعندها ينسى المصطلحات  التنفيرية:
غلاةُ الطاعة!
أحذيةُ السلاطين!
وغيرُها من الألقاب؛
لأن المجيز من حزبه،
فقاعدةُ المعذرةِ والتعاونِ هي السائدةُ!!
نسأل الله أنَّ يحفظ بلادنا من كل سوء، وأنَّ يوفق أولياء الأمور لكل صالح وخير، وأنَّ يجنبنا جميعاً الفتن ماظهر منها ومابطن،
ويديم علينا نعمة التوحيد والسنة
إلى أنّ يأتي أمرُ الله ونحن على ذلك.
وصلى اللهُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِه وسلم.

كتبه:
مباركُ بن خليفة العساف.

24 ذو القعدة 1435هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق