الثلاثاء، 19 مايو 2015

الرد على شبهة المشركين: "الشرك لا يقع في هذه الأمة" استدلالاً بحديث:﴿أيس الشيطان أن يعبده المصلون في جزيرة العرب﴾


الرد على شبهة المشركين: "الشرك لا يقع في هذه الأمة" استدلالاً بحديث:﴿أيس الشيطان أن يعبده المصلون في جزيرة العرب﴾
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
فإن الله ﷻ أقام الدلائل الكثيرة على التوحيد، الذي هو حقه على العبيد؛ فكان أوضح الواضحات، وأبين البينات، ليس فيه لبسٌ فيكون من الملتبسات، وليس فيه شبهةٌ فيكون من المشتبهات، وهذه حكمة من الله عظيمة، وحجة بالغة.
قال الإمامُ عبدالله أبابطين
- رحمه اللهُ - متحدثًا عن التوحيد:
(فإذا تبين أن هذا الأصل هو أصل الأصول، علمنا يقينًا أن الله سبحانه وتعالى، لم يترك هذا الأمر ملتبسًا، بل لابدّ من أن يكون بينًا واضحًا لا لبس فيه ولا اشتباه، لأنه أصل الدين، ومعرفته فرض على كل مكلف، ولا يجوز فيه التقليد.)
[الدرر السنية 12 / 114]
قلتُ: ولكن أهل الشرك -خاصةً في وسائل التواصل- يلبسون ويشبهون، ويستدلون بأدلة يبرروا بها شركهم، ومُحالٌ قطعًا أن يصح استدلالهم بكتاب الله، وبما ثبت من سنة رسول الله، بما يدل على شركهم وكفرهم؛ فالله عليم حكيم، لا يكون في شرعه جمعٌ للمتناقضات، وتفريقٌ للمتماثلات.
فمُحالٌ قطعًا أن يجتمع الشرك والتوحيد، في شرع رب العبيد.
فسبحان الله عما يشركون.
وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
وفي هذه السطور سأذكر شبهة من الشبهات الباطلة التي يرددها المشركون، استدلالاً بذلك على ما يفعلونه من شرك بالله عز وجلَّ، وهذه الشبهة هي استدلالهم بحديث النبيﷺ:
﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ﴾
فمن أنكر عليهم شركهم جاؤوا له بهذا الحديث، لأنه بزعمهم يدل على عدم وقوع الشرك في الأمة، فكيف يكون فعلهم شركًا بالله؟!
والرد عليهم من عدة وجوه:
الوجه الأول: فيما يتعلق بفهم الحديث؛ فالحديث للعلماء عليه عدة أجوبة سأذكر بعضًا منها:
الأول: من تأمل الحديث عرف أن الإياس كان من الشيطان، ولا يلزم من يأسه عدم وقوع الشرك في الأمة، فالشيطان عندما رأى الفتوح، والنصر الإسلامي، ودخول الناس في دين الله أفواجا، يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، وهذا الإياس منه لا دليل فيه على عدم وقوع الشرك في هذه الأمة؛ لأنه لا يعلم الغيب، وهذا ظاهر بحمد الله لمن أنار الله بصيرته.
الثاني: أنه يئس أن يعبده جميع المصلين لا بعضهم؛ وهذا ترجيح الإمامِ ابن رجب.
قال الإمامُ عبدالله أبابطين
-رحمه اللهُ -:( ليس في الحديث  حجة لهم ولا شبهة، وإنما معنى الحديث: أنه يئس أن يجتمعوا كلهم على الكفر.
قال ابن رجب على هذا الحديث: المراد أنه يئس أن تجتمع الأمة كلها على الكفر)
[الدرر السنية ١٦٦ / ١٢]
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه اللهُ- في شرحه حديث النبيﷺ: (ما أخاف عليكم أن تشركوا):أي على مجموعكم، لأن ذلك قد وقع من البعض أعاذنا الله تعالى.
[فتح الباري ٢١١ / ٣ ]
الثالث: أن (ال) في: (المصلون) للعهد الذهني، فيكون المقصود بهم الصحابة رضي الله عنهم.
أي أنه يئس من عبادة الصحابة له، وليس كل الناس ممن يأتي بعدهم.
وغيرها من الأجوبة التي ذكرها العلماء.
إذاً الحديث ليس فيه دلالة على عدم وقوع الشرك في هذه الأمة، فكل الأجوبة التي ذكرها العلماء في بيان معنى الحديث، لم يذكروا فيها عدم وقوع الشرك في هذه الأمة، فكيف يستدل به هؤلاء الزائغون على شركهم وكفرهم؟!
الوجه الثاني: قد أخبر النبيﷺ أن هذه الأمة تتبع سنن من قبلها من اليهود والنصارى قال النبيﷺ:
﴿لتتبعن سننَ من قبلكم شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتى لو سلكوا جحرَ ضبٍّ لسلكتموه. قلْنا:
يا رسولَ اللهِ، اليهودُ والنصارى ؟ قال : فمن.﴾

فالتشبه باليهود والنصارى واقع في هذه الأمة لا محالة في كل مايفعلونه، وقد أخبر اللهُ عنهم أنهم يؤمنون بالجبت والطاغوت كما في قوله تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا﴾
إذًا سيكون في هذه الأمة من يؤمن بالجبت والطاغوت، كما حصل عند أهل الكتاب.
الوجه الثالث: أن هناك أحاديث صحيحة صريحة، أخبر بها النبيُّﷺ بوقوع الشرك في هذه الأمة، لذلك بوب الإمامُ البخاري بابًا في صحيحه قال فيه:
(باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان)وكذلك بوب الإمامُ المجددُ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد بابًا شبيهًا بما بوب به الإمامُ البخاري، سماه:( باب ماجاء أن بعض هذه الأمة يعبدون الأوثان)
قال الشيخُ العلامةُ حفيد المجدد سليمان بن عبدالله -رحمه اللهُ -:
(أراد المصنف بهذه الترجمة الرد على عباد القبور، الذين يفعلون الشرك ويقولون: إنه لا يقع في هذه الأمة المحمدية وهم يقولون: لا إله إلاَّ الله، محمد رسول الله. فبين في هذا الباب من كلام الله وكلام رسولهﷺ مايدل على تنوع الشرك في هذه الأمة، ورجوع كثير منها إلى عبادة الأوثان.)
[ تيسير العزيز الحميد ٣٦٢]
وسأذكر بعضًا من الأحاديث، التي فيها الإخبار بوقوع الشرك والكفر في هذه الأمة.
الحديث الأول: ﴿عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :  لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ:
﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون﴾
أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا؟
قَال:َ إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ.﴾
رواه مسلمٌ في صحيحه.
الحديث الثاني:
﴿عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال:َ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَجِيءُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَات،ٍ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ.﴾
رواه البخاري مسلمٌ
الحديث الثالث:
أخرج أبو داوود في سننه من حديث ثوبان قال: قال رسول اللهﷺ: ﴿وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ وحَتَّى تَعْبُدَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الْأَوْثَانَ.﴾
وأخرجه البرقاني بلفظ:﴿وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَلْحَقَ حيٌ مِنَ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ وَحَتَّى تعْبد فئامٌ من أمتيَ الأَوْثَان.﴾
الحديث الرابع:
وروى الشيخان في صحيحيهما:
﴿عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ.﴾
وَذُو الْخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
فهذه الأحاديث فيها إخبار صريح من النبيﷺ، بوقوع الشرك في هذه الأمة، فأين هؤلاء الزائغون عن هذه الأحاديث؟!!
وبمناسبة ذكر حديث ذي الخلصة فقد بعث له النبيﷺ جريرا فهدمه كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما:﴿ عن جَرِيرٍ قَالَ: كَانَ بَيْتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةُ الْيَمانِيَةُ وَالْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ. فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَة؟
ِ فَنَفَرْتُ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَاكِبًا فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ.﴾
يقول الحافظ ابن حجر -رحمه اللهُ - في تعليقه على قول النبيﷺ:﴿ألا تريحني﴾:
(وما كان شيءٌ أتعب لقلب النبيﷺ من بقاء مايشرك به من دون الله تعالى)
[ فتح الباري ٨ / ٤٠٠]
وبعد أن هدمه جرير ومن معه بُنِي هذا الصنم من جديد، وقد
هُدِم الصنم مرتين في عهد الدولة السعودية ولله الحمد، ونسأل الله أن يكون هدمه للأبد وهذا من فضل الله على دولة التوحيد الدولة السعودية.
قال العلامةُ المجاهدُ حمود التويجري -رحمه اللهُ -:
(وقد وقع الأمر طبق ما أخبر به رسول اللهﷺ في هذا الحديث الصحيح، وعظم افتتان أهل تبالة ومن حولهم من القبائل بذي الخلصة، و أعادوا سيرتها الأولى في زمن الجاهلية، حتى ظهر شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب
رحمه الله تعالى، فدعا إلى التوحيد، وجدد ما اندرس من معالم الدين، وسعى إلى محو الشرك ووسائله، وما يدعو إليه ويرغب فيه، فبعث إمام المسلمين في ذلك الزمان، وهو عبدالعزيز بن محمد بن سعود رحمة الله تعالى عليه، و على من كان السبب في إمامته، جماعة من المسلمين إلى ذي الخلصة، فخربوها وهدموا بعض بنائها، وبقي بعضه قائمًا، وزال الافتتان بها في زمن ولاية النجديين على الحجاز؛ ولما زالت ولايتهم عن الحجاز، عاد الجهال إلى ماكانوا عليه من الافتتان بها، حتى ولي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود الحجاز وما حوله، فبعث عامله على تلك النواحي جماعة من المسلمين، فهدموا مابقي من بنائها، ورموا بأنقاضها في الوادي، فعفى بعد ذلك رسمها، وانقطع أثرها، ولله الحمد والمنة، وذلك في سنة ألف وثلثمائة وأربع وأربعين أو خمس وأربعين.)
[إتحاف الجماعة ١ / ٥٢١ - ٥٢٢]
الوجه الرابع:
يقال لهؤلاء: إن شرعنا لا يجمع بين المتناقضات، ولا يفرق بين المتماثلات؛ فيستحيل أن يجتمع الشرك والتوحيد، وكذلك يستحيل أن يتغير الحكم مع اتحاد الفعل والصورة والحقيقة.
فما يفعله مشركو زماننا هو عين مايفعله المشركون السابقون.
فكيف كان فعل السابقين شركًا وفعل هؤلاء ليس شركًا؟!
فهذا محالٌ قطعًا!!
فالصورة واحدة، والحقيقة واحدة؛ فلابدّ أن يكون الحكم واحدًا.
فمهما غيّر المشركون المسميات عن حقيقتها، فإن الحكم واحدٌ، لأن القاعدة تقول: تغيير المسمى لا يُغيّر الحكم.
فالتوحيد توحيد، والحق حق، والشرك شرك، والباطل باطل.
وهؤلاء يقرؤون القرآن ولا يعقلون دليلاً، ولا يفقهون حديثًا.
زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.
﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾
إذًا لا حجة للمشركين على شركهم في هذا الحديث:
﴿أيس الشيطان أن يعبده المصلون في جزيرة العرب﴾ كما هو بيّنٌ وواضحٌ في الرد على شبهتهم؛
بل لا حجة لهم أبداً، ولا برهان لهمْ قط؛ قال تعالى:
﴿ومن يدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾
وأنت أيها الموحد تعلم يقينًا أن الشرك واقع في هذه الأمة، كما أخبر رسول اللهﷺ، فهذا يوجب عليك أمرين:
الأول: شكر الله على نعمة التوحيد والسنة، التي هي أكبر الآلاء، وأعظم النعم.
فيجب تعاهد شكر الله على نعمه، فبذلك تزداد الآلاء، وتدوم النعم.
الثاني: الخوف من الوقوع في شبكة الشرك الذي لا يغفره اللهُ أبداً.
فهذا أمر عظيم، يجب التنبه له، وأخذ الحيطة والحذر؛ ولا يعتمد المسلم على فطنته وذكائه وعمله، ويغتر بذلك؛ فالشرك أمره عظيم خافه الأنبياء والمرسلون، والصحابة والتابعون، والأولياء والصالحون.
أما سمعت قول الله تعالى عن إبراهيم الخليل الذي كسر الأصنام، وألقي في النار بسبب ذلك، ماذا يقول: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾
وما أحسن ما قال التيمي -رحمه اللهُ -:
(ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم.)
إي وربي؛ من يأمن البلاء، بعد إمام الحنفاء؟!
وهذا يوسف عليه السلام يدعو ربه:
﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين﴾
ونبينا محمدﷺ يكثر أن يقول:
﴿يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ﴾
ويقول ابن أبي مليكة:
(أدركت ثلاثين من أصحاب رسولﷺ، كلهم يخاف النفاق على نفسه)وكان السلف يخافون من الكتاب السابق، يقول سفيان:
(أخشى أن أكون في أم الكتاب شقيا)
فالأمر عظيم، لأن الأعمال بالخواتيم، ولا يعلم أحد خاتمته.
وقد بوب الإمامُ المجددُ محمد بن عبدالوهاب -رحمه اللهُ تعالى ـ بابًا في كتاب التوحيد سماه:
(باب الخوف من الشرك)
قال شيخنا العلامةُ الإمامُ صالح الفوزان في تعليقه على هذا الباب:
(الموحد يجب أن يخاف من الشرك، ولا يقول أنا موحد وأنا عرفت التوحيد، لا خطر علي من الشرك، هذا إغراء من الشيطان، لا أحد يزكي نفسه، ولا أحد لا يخاف على نفسه الفتنة مادام على قيد الحياة، فالإنسان معرض للفتنة، ضل علماء أحبار، وزلت أقدامهم، وختم لهم بالسوء، وهم علماء، فالخطر شديد، ولا يأمن الإنسان على نفسه أن تنزلق قدمه في الضلال، وأن يقع في الشرك، إلاَّ إذا تعلم هذه الأمور من أجل أن يجتنبها، واستعان بالله، وطلب منه العصمة والهداية:
﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾
خافوا من الزيغ بعد الهداية، والمهتدي يكون أشد خوفًا أن يزيغ، وأن تزل قدمه، وأن تسوء خاتمته، وأن يكون من أهل النار نسأل الله العافية. )
[إعانة المستفيد ١ /٩٤ - ٩٥]
أي وربي؛ كم من عالم زل، وكم من مهتد ضل، وكم من ذكي نجيب انسلخ من دينه وانحل؟!
فاللهم أحينا موحدين، واقبضنا موحدين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
وهذا آخر التوضيح والبيان، في الرد على أهل الشرك والطغيان، في استدلالهم على شركهم بحديث: "أيس الشيطان".
والله الهادي إلى سواء السبيل.
وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتبه:
مبارك بن خليفة العساف.
ظهر الخميس ٢ / ٤ / ١٤٣٦هـ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق