الثلاثاء، 19 مايو 2015

الرد على المغامسي في ثنائه على تفسير الشعراوي لحديث: إلاَّ الصوم فإنه لي.

الرد على المغامسي في ثنائه على تفسير الشعراوي لحديث:
إلاَّ الصوم فإنه لي.

بسم الله الرحمن الرحيم. 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة ُ
والسلام ُعلى نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
فإن من قواعد الدين وأصوله، تبيين الحق للخلق، ورد الباطل ودفع لبسه بالحق.
وهذا من أعظم الجهاد في سبيل الله؛ وليس هذا كما يظنه البعض من أكل لحوم الناس، ومن الغيبة المحرمة.
قال شيخ ُالإسلام ابن تيمية
-رحمه اللهُ -:
((
ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم، وتحذير الأمة منهم، واجب باتفاق المسلمين؛ حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم و يصلي  ويعتكف، أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام واعتكف فإنما هو لنفسه، و إذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل.
فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله إذ تطهير سبيل الله و دينه و منهاجه و شرعته و دفع بغي هؤلاء و عدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ..إلى آخر كلامه
))
[مجموع الفتاوى ٢٨ / ٢٣١ -٢٣٢]
ومن هنا أحب أن أبين فساد مقطع منتشر للداعية: صالح بن عواد المغامسي ، قال فيه ما قال من باطل ، وانتشر هذا في وسائل التواصل، فكان واجبًا على من عنده المعرفة، البيان والتبيين، والنصيحة للمسلمين.
قال النبيّ ُ: ﴿الدين النصيحة. قيل لمن يارسول الله؟ قال:لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.﴾
أخرجه مسلم ٌفي صحيحه من حديث تميم الداري.
فهذا البيان من أجل النصح والإرشاد، والدلالة على الخير، والتحذير من الشر، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وقبل الشروع في الرد نأخذ ماقاله المغامسي وملخص ذلك:
أنه أثنى على تفسير الشعراوي وأنه ممن فتح الله عليه في هذا الباب، وأنه -أي المغامسي- لا يتكلم في عقائد الناس سواءً كانوا أحياءً أو أمواتًا!  ثم ذكر قصة حصلت له في الحج، وهي: أن رجلاً جاءه يسأله عن المفسرين فمدح المغامسي للرجل السائل الشعراوي -وجعل هذا من باب الصدع بالحق- فتغير وجه الرجل كأنه غير راض!!
فتوجه المغامسي بالسؤال لهذا الرجل عن معنى الحديث القدسي:(
إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فأجاب الرجل بأن معناه: عدم دخول الرياء فيه.
فاعترض عليه المغامسي بأن الصوم أكثر عبادة يدخل فيها الرياء!!
وضرب على ذلك أمثلة منها:
أن الرجل يكون في دوامه في الأيام البيض مثلاً، فيؤتى له بالطعام فلا يأكل ولا يشرب، فيعرفون أنه صائم لأنه لم يأكل، واليوم يوم صيام..الخ
ثم ذكر قول الشعراوي في الحديث مظهراً براعة الشعراوي في الاستنباط قائلاً: الشعراوي فسره بأن الصوم عبادة لم يعبد بها غير الله خلاف الصلاة والزكاة والطواف وغيرها.
فأخذ الرجل ورقة وكتب:هذه فريدة من فرائد العلم!!
فالرد على المغامسي في هذا الكلام من عدة وجوه، فأقول مستعينًا برب العباد، راجيًا منه التوفيق والسداد:
أولاً: يقول النبيّ ُ: ﴿الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ﴾رواه البخاري ومسلم.
فكل يحن إلى صنفه وجنسه من الخير والشر، والحق والباطل.
فالمغامسي ثناؤه على المتصوفة وغلاتهم، ليس وليد الليلة، فالرجل له ثناءات على الصوفية، فقد أثنى على الهالك البوطي، وأحمد الكبيسي -عامله الله بعدله- وأثنى على البوصيري صاحب قصيدة البردة التي فيها الشرك الأكبر الصراح، والكفر الأكبر البواح.
وترحم المغامسي عليه، وبعد مناصحته أصر وترحم عليه مرةً ثانيةً!!
وهذا الثناء على الصوفي المعروف الشعراوي، ليس هو الثناء الوحيد منه عليه، فقد أثنى عليه أكثر من مرة، مع علمه بصوفيته وانحرافه؛ فالأرواح جنود مجندة، وهذا غير تقريرات المغامسي التي فيها من التصوف وأنكرها عليه أهل العلم؛ نسأل الله العافية.
وهذا الشعراوي معروف بعدائه لدعوة التوحيد والسنة، وقدحه فيها وفي أهلها، وذلك لأنها قطعت دابر المشركين والمبتدعين، بالكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.
وليس المقام بيان ماهو عليه من الضلال، لكنها إشارة يعرفها من عرف الحق وأهله.
ثانيًا: لو كان المغامسي في جوابه ناصحًا لعباد الله، لأوصى السائل بالمفسرين الثقات، الذين خلت تفاسيرهم من البدع والخرافات، والانحراف والضلالات، كتفسير الطبري، والبغوي، وابن كثير، وغيرهم من السابقين.
ومن المعاصرين من العلماء الربانيين، السالمين من الضلالات والانحرافات، كتفسير السعدي، وتفسير الشنقيطي، وتفسير العثيمين، وتفسير الفوزان، وإن كانت بعض هذه التفاسير لم تكتمل، لكن فيها خير عظيم، وعلم غزير، وتقرير لعقيدة أهل السنة والجماعة، والبراءة من ضدها.
فسبحان الله لم يجد المغامسي إلاَّ الشعرواي فيثني على تفسيره!!
ثالثًا: قوله: إنه لا يتكلم في عقيدة أحد!!
فهذا قول فاسد، وتضييع للعقيدة، فالكلام في العقائد تكلم فيه الأئمة، وألفوا المؤلفات من أجله، وبدعوا، وضللوا، وكفروا، كل على حسبه؛ فجزاهم الله خير الجزاء.
لكنه على غير سبيل خير الأنام، وطريق الأئمة الأعلام.
رابعًا: ما نقله عن الشعراوي في تفسير الحديث مظهرًا براعته في الاستنباط، مروجًا له، بأن الحديث معناه: أن الصوم عبادة لم يعبد بها غير الله.
فيرد عليه من وجهين:
الأول: هذا القول قال به أناسٌ قبل الشعراوي، فليس قوله استنباطًا جديدًا حتى يمدح به!!
الوجه الثاني: هذا القول غير صحيح أصلاً، وإن قال به البعضُ؛
وذلك: لأن عباد الكواكب يصومون من أجلها!
قال الحافظ ُابن حجر -رحمه اللهُ- في فتح الباري في شرحه لهذا الحديث، وقد ذكر عشرة أقوال، وذكر أن الأقوال أكثر مما ذكر، ولكن هذا ما وقف عليه قال:
ثامنها: سبب الإضافة إلى الله أن الصيام لم يعبد به غير الله، بخلاف الصلاة والصدقة والطواف ونحو ذلك.
واعترض على هذا بما يقع من عبّاد النجوم وأصحاب الهياكل والاستخدامات، فإنهم يتعبدون لها بالصيام...الخ
[فتح الباري ٤ / ٦٠٠ - ٦٠١]
إذاً تبين لنا: أن القول ليس من الشعراوي، بل هناك من سبقه، وتبين أن هذا القول غير صحيح، لوجود من يعبد غير الله بالصيام.
فانتقض ماقاله المغامسي وأثنى به على الشعراوي.
خامسًا: أما ما أنكره على السائل في تفسيره للحديث بأن الصيام لا يدخل فيه الرياء، فما ذكره السائل قول معتبر عند أهل العلم، وذكره ابن حجر في مقدمة الأقوال التي ساقها رحمه اللهُ.
وأما ما اعترض به المغامسي على السائل بأن الصيام أظهر عبادة يقع فيها الرياء، فهذا غير صحيح، ومخالف للواقع.
وماضربه من أمثلة فهي عوارض، لا يقصد بها أهل العلم في قولهم مافهمه المغامسي.
قال الحافظ ُابن حجر - رحمه اللهُ :
ومعنى قوله: "
لا رياء في الصوم" أنه لا يدخله الرياء بفعله، وإن كان قد يدخله الرياء بالقول، كمن يصوم ثم يخبر أنه صائم فقد يدخله الرياء من هذه الحيثية، فدخول الرياء في الصوم إنما يقع من جهة الإخبار، بخلاف بقية الأعمال فإن الرياء يدخلها بمجرد فعلها.
[فتح الباري ٤ / ٥٩٩]
سادسًا: أنه مهما كانت عند الشعراوي من فوائد، فليس معنى ذلك عدم التحذير منه، ومن باطله وتصوفه وضلاله العظيم.
وليس معنى ذلك: أن نوصي الناس به، بسبب فوائد عنده.
فكم من رجل غزير العلم، لايبلغ الشعراوي مبلغه، عنده من الفوائد الكثيرة، ومع ذلك لم يوص العلماء به، وذلك: بسبب ضلاله وانحرافه، وحتى لا ينخدع الناس به، فيتشربوا بدعته وضلاله خاصةً العامة منهم.
لذلك كما ذكر المغامسي أن السائل الذي أتاه أخرج ورقة وسجل هذه الفريدة العلمية -كما ظن- فهذا بسبب تغرير المغامسي له، لقلّة علم السائل وثقته به فالله المستعان.
سابعًا: أن الشعراوي أفسد في التفسير، وقلل شأنه، بإدخاله العامية فيه، فكلام الله شأنه أرفع وأكبر من تفسيره بالعامية، وليس معنى ذلك أن نقول للمفسرين: تنطعوا في الكلام، وهاتوا غرائب الألفاظ، ولكن لزوم الطريقة الصحيحة، والجادة السوية، التي سلكها الأئمة المهديون، والعلماء المرضيون.
وهذا فضلاً عن ضلالاته في التفسير، فكيف يمدح بما أفسد!؟
نسأل الله العافية.
كما أن للمغامسي أخطاء كثيرة في غير هذا المقطع، تحتاج إلى بيان، لعل الله يقيض من يوضحها دفاعاً عن دين الله.
فهذا ردٌ مختصرٌ، أردتُ به بيان الحق للخلق، والله الهادي إلى سواء السبيل.

وكتبه:
مبارك بن خليفة العساف.
عشاء السبت ٢١ صفر ١٤٣٦هـ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق